للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في معناه، وقد يقال على هذا أنه يحتمل في الاستدامة ما لا يحتمل في الابتداء.

والجواب عن الأول بأن ما جعلوه علة للخروج من الوادي ليس علة في نفس الأمر، بل العلة ما نص عليه الشارع من قوله: "فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان" كراهة تتعلق بالمكان لا بالزمان، وليس ذلك عندهم من باب الطيرة، بل من باب الكراهة له، ويزيد ذلك وضوحًا ما في رواية زيد بن أسلم: فركبوا حتى خرجوا من ذلك الوادي. وفي رواية ابن جريج عن عطاء أنه - عليه السلام - ركع ركعتين في معرسه، ثم سار ساعة، ثم صلى الصبح. فليس المكروه إلا إقامة فريضة الصبح فيه وهو بهذه المثابة، وإلا فالزمان الذي تحل فيه النافلة أحرى أن تحل فيه الفريضة.

الثالثة: اختلف المعللون بأن الوادي به شيطان، فقال بعضهم: من نام عن الصلاة في سفره ثم انتبه بعد خروج الوقت لزمه الزوال عن ذلك الموضع، وان كان واديًا خرج عنه، لقوله - عليه السلام -: "اركبوا واخرجوا من هذا الوادي إن به شيطانًا"؛ قالوا: فكل موضع وقع فيه مثل ذلك فينبغي الخروج عنه وإقامة الصلاة في غيره، فإنه موضع ملعون كما روي عن علي قال: "نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أصلي في أرض بابل فإنها ملعونة، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لما أتى أرض ثمود أمر الناس فأسرعوا، وقال: "هذا واد ملعون"، وأمر بالعجين المعجون بماء ذلك الوادي فطرح.

وقال آخرون: أما ذلك الوادي وحده إن علم وعرض فيه مثل ذلك العارض فواجب الخروج منه على ما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما سائر المواضع فلا، لأن الله تعالى يقول: {وأقم الصلاة لذكري}، ولقوله - عليه السلام -: "فليصلها إذا ذكرها"، ولم يخص موضعًا من موضع إلا ما جاء في ذلك الموضع خاصة.

وقال آخرون: كل من انتبه من نوم أو ذكر بعد نسيان، أو ترك صلاة عامدًا ثم ثاب إلى أدائها فواجب على كل واحد منهم أن يقيم صلاته تلك في أعجل ما يمكنه

<<  <  ج: ص:  >  >>