للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي عند مالك رحمه الله في "موطئه" (١) أنها الظهر والعصر، فمن الناس من اعتمد على ما في الصحيح، قال القاضي أبو بكر بن العربي: والصحيح -إن شاء الله- أن الصلاة التي شغل عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحدة وهي العصر.

ومنهم من جمع بين الأحاديث في ذلك بأن الخندق كانت وقعته أيامًا، فكان ذلك كله في أوقات مختلفة في تلك الأيام وهذا أولى من الأول؛ لأن حديث أبي سعيد رواه الطحاوي عن المزني عن الشافعي (٢): ثنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه، وهذا إسناد صحيح جليل (٣).

الثانية: فيه إطلاق لفظ العشاءين على المغرب والعشاء، قال النووي (٤): وقد أنكره بعضهم، لأن المغرب لا تسمى عشاء وهذا غلط، لأن التثنية هاهنا للتغليب كالأبوين والعمرين والقمرين ونظائرهما، انتهى.

وما رأى هذا من باب التغليب، فإن أبا بكر لم يطلق عليه عمر ولا الشمس أطلق عليها القمر إلا في ذلك الموضع وكذلك ما أشبههما، وأما المغرب فقد يطلق عليها العشاء بدليل تقييدهم العتمة بالعشاء الآخرة، ففي حديث جابر: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤخر صلاة العشاء الآخرة (٥)، وفي حديث ابن عمر: مكثنا ننتظر رسول


(١) "الموطأ" كتاب صلاة الخوف، عن سعيد بن المسيب، مرسلًا.
(٢) "السنن المأثورة" (١١١ / ح ١) و"أحكام القرآن" (١/ ٣٤) و"المسند" (ص ٣٢)، "الأم" (١/ ٨٦).
(٣) نقله عن ابن سيد الناس: الشوكاني في "النيل" وأخذه عنه الألباني في "الثمر المستطاب" (١/ ١٠٩).
وكذلك نقله السيوطي في "شرح النسائي" (٢/ ١٩).
(٤) "شرح صحيح مسلم" (٥/ ١٣٠).
(٥) "صحيح مسلم" (٦٤٣) كتاب المساجد (٥)، باب وقت العشاء وتأخيرها (٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>