به فريقان، أحدهما: القائلون بأنها العصر، والثاني: القائلون بأنها أبهمت في الصلوات الخمس بناء على أن النسخ هنا هل توجه للفظ دون المعنى أو لهما معًا، والأول أولى لأن الأصل عدم النسخ، ونسخ اللفظ دون المعنى أقرب إلى الأصل، وليس هذا من باب نسخ الكتاب بالسنة التي هي أخبار آحاد، لأن قوله:(وصلاة العصر) في هذه الآية لم يصل إلينا قرآنًا وإنما وصل إلينا في هذا الخبر وما جرى مجراه، فهو وناسخه في رتبة واحدة.
الخامسة عشرة: الحكمة في إبهامها عند من قال به (١) ما روي أن رجلًا سأل زيد بن ثابت عن الصلاة الوسطى فقال: حافظ على الصلوات تصبها، فهي مخبوءة في جميع الصلوات خبء ساعة الإجابة في ساعات يوم الجمعة وليلة القدر في ليالي شهر رمضان والاسم الأعظم في جميع الأسماء، والكبائر في جملة الذنوب، لأنه أبعث على المحافظة على جميعها، إذ في إبهامها وترك تعيينها حث على الإتيان بجميعها فكان أولى من التعيين المفضي إلى إهمال ما سواها.
وقال الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي: بعد ذكره خلاف الناس فيها: وكل هذا الاختلاف يشعر بأنها مما استأثر الله تعالى بعلمه عن خلقه ليحافظ على جميع الصلوات كما استأثر بالعلم بليلة القدر ليحافظ على قيام الشهر أو العشر الأواخر منه، وليس في هذه المذاهب أقوى من مذهب من ذهب إلى أنها العصر أو الصبح، فإن تردد النظر بينهما فما دلت عليه الآثار فيهما أظهر مما سواه.
السادسة عشرة: ما قاله أبو الحسن ابن المقدسي من ترجيح مذهب من ذهب إلى أنها الصبح أو العصر شهد له ما روى مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي
(١) قاله الربيع بن خيثم ومن ذكرنا معه، وفيها علامة إضراب فلا أدري هل هي من الشارح نفسه أو من غيره!!