للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* الثالث: أن يكونوا أذنوا لمنْ أراد قضاء الحاجة إمَّا بصريح الإذن أو بما في معناه.

وأمَّا بوله - صلى الله عليه وسلم - في السباطة التي بقرب الدور مع أن المعروف من عادته - صلى الله عليه وسلم - التباعد في المذهب: فقد ذكر القاضي عياض (١) أنَّ سببه: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان من الشغل بأمور المسلمين، والنَّظر في مصالحهم بالمحلِّ المعروف، فلعلَّه طال عليه فجلس حتى حفزه البول ولم يمكنه التباعد ولو بعد لتضرَّرَ، وارتاد السباطة لدمثها، وقام حذيفة بقربه يستره عن الناس. وهذا حسن.

قلت: وقد يكون ذلك لبيان الجواز في هذه الحالة وإن كان التباعد أولى.

فقوله: فأتيته بوضوء؛ بفتح الواو، وهو الماء المتوضأ به في الأكثر، والمصدر بضمِّها، هذا هو الأشهر فيهما. وقال الخليل (٢): الفتح في الوجهين ولم يعرف الضم.

وقال ابن الأنباري: والوجه الأول وهو التفريق بينهما وهو الذي عليه أهل اللغة.

وقوله: "فذهبت لأتأخَّر عنه، فدعاني؛ حتى كنت عند عقبيه": قال العلماء: إنَّما استدناه - صلى الله عليه وسلم - ليستتر به عن أعين الناس من المارِّين وغيرهم فتأخَّر حذيفةُ رضي الله عنه، تأدبًا معه - صلى الله عليه وسلم - لكونها حالة يُستخفى بها ويُستحيى منها، واستدناه النبي - صلى الله عليه وسلم - للمعنى الذي أشرنا إليه من الاستتار ولأنه بول من قيام يؤمن معه خروج الحديث الآخر وغيره، ولم يفعل في هذا كما جاء في الحديث الآخر لما أراد قضاء الحاجة؛ قال: "تنحَّ"؛ لكونه كان يقضيها قاعدًا، ويحتاج إلى الحدثين جميعًا ولهذا قال بعض العلماء في هذا الحديث: السنة القرب من البائل إذا كان


(١) انظر "إكمال المعلم" (٢/ ٨٣).
(٢) "العين" (٧/ ٧٦) وضأ حيث قال: فأما من ضمِّ الواو فلا أعرفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>