ذكر ابن أبي شيبة بسنده عن ابن مسعود: لا أحب أن يكون مؤذنوكم عميانكم، قال: حسبته قال: ولا قراؤكم.
وعن ابن عباس أنه كره إقامة الأعمى.
وعن ابن الزبير أنه كان يكره أن يؤذن المؤذن وهو أعمى.
وعن منصور قال: كان مؤذن إبراهيم أعمى.
ولعل الكراهة في ذلك عند من قال بها إذا لم يجد المؤذن دليلًا على معرفة الوقت أو كان منفردًا بالأذان وأما إذا معه غيره فلا كراهة. وقال أصحابنا: يكره أن يكون الأعمى مؤذنًا وحده.
السادسة: وإذا كان كذلك ففيه جواز تقليد الأعمى للبصير في الوقت أو جواز اجتهاده فيه، فإن ابن أم مكتوم لا بد له من طريق يرجع إليه في طلوع الفجر، وذلك إما سماع من بصير أو اجتهاد وقد جاء في الحديث:"وكان لا يؤذن حتى يقال له أصبحت أصبحت" فهذا يدل على رجوعه إلى البصير ولو لم يرد ذلك لم يكن في هذا اللفظ دليل على جواز رجوعه إلى الاجتهاد بعينه، لأن الدال على أحد الأمرين مبهمًا لا يدل على واحد منهما معينًا.
السابعة: قال أبو عمر: وفيه دليل على جواز شهادة الأعمى على ما استثبته من الأصوات، ألا ترى أنه إذا قيل له: أصبحت قبل ذلك وشهد عليه، ولخصمه أن يقول هذا من باب الخبر ليس من باب الشهادة التي يتوجه القضاء بها على معين وإنما أخبره بالوقت من سكنت نفسه لأخباره فأخبر هو به مستندًا إلى ذلك.
الثامنة: فيه إطلاق الشيء على ما قاربه، قال ابن شهاب: وكان ابن أم مكتوم رجلًا أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت قال أبو عمر: معناه المقاربة أي قاربت الصبح، والعرب تسمى الشيء باسم ما قرب منه ومنه قول الله عز