وقال آخرون منهم: الإمامة أفضل وهو الأصح عند الخراسانيين ونقلوه أيضًا عن نص الشافعي وصححه القاضي أبو الطيب الطبري وقطع به الدارمي.
واحتج هؤلاء بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين بعده أمّوا ولم يؤذنوا، وكذا كبار العلماء بعدهم وبحديث مالك بن الحويرث الذي تقدم وفيه فليؤذن لكما أحدكما وليؤمكما أكبركما وقد سبق الكلام عليه.
وقال آخرون: إن علم من نفسه القيام بحقوق الإمامة وجمع خصالها فهي أفضل وإلا فالأذان حكاه الشيخ أبو حامد وصاحب "البيان" وغيرهما ونقله الرافعي عن أبي علي الطبري وابن كج والمسعودي والقاضي حسين.
قال النووي: والمذهب ترجيح الأذان وقد نص في "الأم" على كراهة الإمامة فقال: أحب الأذان لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم اغفر للمؤذنين" وأكره الإمامة للضمان وما على الإمام فيها هذا نصه. وقال أبو الفتح: انتهى كلام النووي ولو استوعب نص الشافعي لم يستنبط منه ذلك فبقية كلام الشافعي في "الأم" وإذا أم ينبغي له أن يتقي ويؤدي ما عليه فإذا فعل ذلك رجوت أن يكون أحسن حالًا من غيره انتهى كلام الشافعي وليس فيه كراهية الإمامة مطلقًا كما حكى عنه وإنما فيه ... أن يتقِ الله وأن يؤدي ما عليه فيها، وهذا ظاهر.
وأما الجمع بين الأذان والإمامة للشخص الواحد فقال أبو محمد الجويني والبغوي وغيرهما: يكره أن يكون الإمام هو المؤذن.
[واحتجوا بحديث عن جابر رواه البيهقي وقال: هو ضعيف بمرة وسنذكره](١).