ويستحب لمن يتابع المؤذن أن يتابعه في كل كلمة عقيب فراغ المؤذن منها ولا يؤخر ذلك عن فراغه من الكلمة لما تقتضيه الفاء من التعقيب في قوله: إذا سمعتم النداء فقولوا، فإن قيل: النداء حقيقة يطلق على مجموع الأذان فليكن الشروع في الإجابة عند تمام الأذان ولم يقولوا به، فيقال في الجواب عنه: قَدْ بُيّن لنا إن هذه الحقيقة غير مرادة، والأحاديث التي تضمنت الإجابة كلمة كلمة قولًا وفعلًا كما في حديث عمر وابن مسعود وغيرهما، ويستحب متابعته لكل سامع من طاهر ومحدث وجنب وحائض وكبير وصغير ويستثنى من هذا المصلي ومن هو على الخلاء والجماع على اختلاف في المصلي بين السلف وتفصيل لمتقدمي العلماء ومتأخريهم سنذكره.
فإذا فرغ ذو الخلاء والجماع مما كانا فيه تابع كل منهما، صرح به الماوردي، وكذا إذا كان السامع في قراءة أو ذكر أو درس علم أو نحو ذلك فإنه يقطع ما هو فيه ويتابع المؤذن ثم إن شاء رجع إلى ما كان عليه.
مسألة: سامع المؤذن وهو في الصلاة، المنقول عن الشافعي وأصحابه أنه لا يتابعه في الصلاة فرضًا كانت أو نفلًا فإذا فرغ منها قاله.
وحكى الخراسانيون في استحباب متابعته إياه وهو في الصلاة قولًا شاذًا.
فإذا قلنا على المذهب أنه لا يتابعه فتابعه فقولان أصحهما أنه يكره والثاني أنه خلاف الأولى وقيل إنه مباح لا يستحب فعله ولا تركه وهذا اختيار الشيخ أبي علي السنجي وإمام الحرمين والمذهب كراهته.
فإذا تابعه في ألفاظ الأذكار وقال في الحيعلتين لا حول ولا قوة إلّا بالله لم تبطل صلاته لأنها أذكار والصلاة لا تبطلها الأذكار. وإن أتى في متابعة الحيعلتين بحكايتهما نصًّا فهو كلام آدمي، فإن كان عالمًا بأنه في الصلاة وأن هذا كلام آدمي