للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن مات صاحب الكبيرة عن غير توبة فمصيره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له وإن تاب قبل حضور الموت ومعاينته وندم واعتقد أن لا يعود واستغفر ووجل كان كمن لم يذنب. وبهذا كله الآثار الصحاح عن السلف قد جاءت وعليه جماعة علماء المسلمين. انتهى كلام أبي عمر.

وقول سلمان في حديثه ما اجتنبت المقتلة عبر بالمقتلة عن الكبائر، كما عبر بالجراح عن الصغائر فهو في معنى غيره من أحاديث الباب لا أنه أراد القتل والجراح المعروفة فتلك حقوق الآدميين لا يكفرها وضوء ولا صلاة، وفي رد أبي عمر على هذا القائل في معنى الأحاديث التي لا ذكر للكبائر فيها بالأحاديث التي فيها ذكر الكبائر.

والمقتلة تسليم لكون تلك الأحاديث تقتضي ما ادعاه وليس كذلك، وإنما اقتضت تكفير خطايا أعضاء الوضوء المذكورة فيه من الوجه واليد والرجل عمّا اجترحه كل عضو بانفراده لا ما أمد بعضها فيه بعضًا واشتركت فيه. وقوله بعد ذلك: (حتى يخرج نقيًّا من الذنوب) فحمل الألف واللام هنا على العهد والمراد به الذنوب الصادرة من الأعضاء الذكورة لا كل الذنوب عمومًا.

فقد قال - عليه السلام -: "العينان تزنيان واليدان تزنيان والفم يزني يصدق ذلك كله الفرج أو يكذبه". وليس للفرج في الأعضاء المذكورة مدخل فيكون الوضوء مكفرًا لكبيرة الزنا.

وكذلك خطيئة الرجل هي أن يمشي بها إلى خطيئة أخرى كبيرة أو صغيرة وما يمشي بها إليه غير المشي الذي هو من كسبها وكذا ما انفردت به اليد من الخطايا غير الحقوق البشرية في تلك الأعضاء كلها من القتل والسرقة والغيبة وما أشبه ذلك فالأمر في تلك مبني على المشاحة ويزيد ذلك بيانًا أنه لما كانت أحاديث الوضوء تقتضي تكفير الذنوب عن أعضاء مخصوصة والأحاديث في كفارة ما بين الصلاتين

<<  <  ج: ص:  >  >>