فأيهما الفرض؟ الجديد عندنا وبه قال أحمد وأبو حنيفة أن الفريضة هي الأولى لحديث الباب وبه قال ابن عمر والحسن وإبراهيم، والقديم أن الفريضة إحداهما لا بعينها والله يحتسب ما شاء منهما وربما قيل يحتسب بأكملهما ويروى هذا القول عن "الإملاء" وبه قال مالك ويروى عن ابن عمر وسعيد بن المسيب ذلك إلى الله يجعل أيتهما شاء وقد تأوله أبو عمر بالقبول أي إن الله يتقبل أيتهما شاء فقد يقبل الفريضة أو النافلة أو يقبلهما معًا، وقد لا يقبل واحدة منهما.
وقد كان بعض الصالحين يقول: طوبى لمن تقبلت منه صلاة واحدة.
وذكر هشام بن عمار نا هشام بن يحيى الغساني عن أبيه قال: جاء سائل إلى ابن عمر فقال لابنه: أعطه دينارًا، فقال ابنه: تقبل الله منك يا أبتاه. فقال: لو علمت أن الله تقبل مني سجدة واحدة أو صدقة درهم واحد لم يكن غائب أحب إلي من الموت أتدري ممن يتقبل الله إنما يتقبل الله من المتقين، وقد تأول هذا التأويل ابن الماجشون.
وذكر صاحب "التتمة" أن بعض الأصحاب صار إلى أنهما جميعًا يقعان عن الفرض، وعن الشيخ أبي محمد أن بعضهم قال فيما إذا صلى منفردًا أن الفريضة هي الثانية لكمالها بالجماعة وقد تقدم في حديث يزيد بن عامر من طريق أبي داود قوله - عليه السلام -: "فصل معهم وإن كنت قد صليت تكن لك نافلة وهذه مكتوبة" وهو ظاهر في الاحتجاج بهذا المذهب وبه قال سعيد بن المسيب في رواية عنه، وهو قول عطاء.
الثامنة: إذا فرّعنا على الجديد فهل ينوي بالثانية الفرض فيه وجهان قال الصيدلاني في الصحيح أنه ينوي الفرض وبه قال الأكثرون واستبعده الإمام وقال كيف ينوي الفرض مع القطع بأن الثانية ليست بفريضة بل الوجه أن ينوي الظهر والعصر ولا يتعرض للفريضة ويكون ظهره نفلًا كظهر الصبي.