وقد روي عن سعد بن أبي وقاص أنَّه أقرع بين قوم اختلفوا في الأذان بالقادسية.
وقد اختلفوا: هل المراد بالنداء هنا النداء للجمعة فقط أو لها ولغيرها وإلى الأولى ذهب الداودي وإلى الثاني ذهب الجمهور.
وإنما يقع الاستهام على النداء إذا استووا في معرفه الوقت وغيره مما هو مطلوب في المؤذن وتشاحوا كان مرادهم أن يؤذنوا واحدًا بعد واحد لئلا يخفى صوت أحدهم أو كان الأذان للمغرب لضيق وقتها عند من لا يرى لها إلا وقتًا واحدًا.
وأما إذا كان للمسجد مؤذن تقدم لمراعاة الوقت فهو أحق من غيره وإن ساواه بمعرفته لولايته السابقة كما أن السابق إلى الصف أحق به وإنما يصح الاستهام عليه إذا قدرنا وصول الجماعة إليه في حالة لا يسع جميعهم وهم متساوون في مرتبة فأما إذا تفاوتت مراتبهم وبعضهم من أهل العلم والنهى، فمن كان كذلك فهو أحق بالقرب من الإمام دون قرعة كمن سبق إليه.
هذا إن حملنا الاستهام على الحقيقة وقد اختار بعضهم حمله على المجاز والتمثيل فيكون المراد بالاستهام الإشارة إلى تأكد طلبيه ذلك السبق والحرص عليه وهو حسن ومثله في فصيح الكلام كثير، ومنه قوله - عليه السلام -: "لو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا"، ومنه حديث أبي سعيد:"لو علم الناس ما في التأذين لتضاربوا عليه بالسيوف" رواه الإمام أحمد مرفوعًا.