للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث الآخر: "أن يحول الله صورته صورة حمار" فيخالف بصفتهم إلى غيرها من مسخ، ويحتمل أن يكون المراد بالمخالفة بين الوجوه تغير القلوب وتنكر وجه من أقام الصف لمن لم يقمه، إذ تغير الوجوه ناشيءٌ عن تغير القلوب. والتواد والألفة أمر مطلوب فيفوتهم ذلك وقد تقدم في حديث النعمان عند أبي داود: "أو ليخالفن الله بين قلوبكم".

وفي حديث البراء: "لا تختلفوا فتختلف قلوبكم"، والحمل على الثاني أولى لوجهين:

الأول: ما يقتضيه لفظ البينية في قوله: (بين وجوهكم) إذ لو أراد الأول لقال ليخالف الله وجوهكم.

الثاني: هذه المخالفة إنما هي في أمر مستحب فعله مندوب إلى وقوعه فلا يبلغ الوعيد عليها مبلغ التغيير والمسخ.

هذا ما ذهب إليه الجمهور وسيأتي قول من قال بخلافه.

وقوله: (فرأى رجلًا خارجًا صدره عن القوم) وكذلك قوله: (يمسح صدورنا ومناكبنا) وقوله: (فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه وركبته بركبة صاحبه وكعبه بكعبه)، فيه التنبيه على كيفية التسوية وأن القدر اليسير من الاختلاف بها غير محتمل وتسوية الصفوف عندهم اعتدال القائمين بها على سمت واحد وقد تدل تسويتها أيضًا على سد الفرج وكلاهما مطلوب وقد تقدم في حديث عائشة. "ومن سد فرجة رفعه الله بها درجة"، وفي حديث ابن عمر: "وسدوا الخلل"، وقد روي عن ابن عمر من قوله: لأن تخر ثنيتاي أحب إليّ من أن أرى في الصف خللًا فلا أسده.

وقوله: (فإن تسوية الصف من تمام الصلاة أو من حسن الصلاة) دليل على أن

<<  <  ج: ص:  >  >>