للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم -: "زادك الله حرصًا ولا تعد"، ولم يأمره بإعادة الصلاة، قالوا: وقوله لأبي بكرة: (لا تعد) أي: لا تعد للتأخر عن الصلاة حتى تفوتك، وإذا جاز للرجال الركوع خلف الصف وحده وأجزأ عنه فكذلك سائر صلاته لأن الركوع ركن من أركانها فإذا جاز للمصلي أن يركع خلف الصف وحده جاز له أن يسجد وأن يتم صلاته وقد روينا الخبر بأصح إسناد عن أبي بكرة أنه دخل المسجد ورسول الله يصلي وقد ركع فركع ثم دخل الصف وهو راكع فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أيكم دخل الصف وهو راكع"؟ فقال له أبو بكرة: أنا قال: "زادك الله حرصًا ولا تعد"، فتبين بهذا اللفظ كيف كان ركوعه وأنه لم يكن منه غير ابتداء الركوع وإنما ركع في الصف ولم يعلم ما في ابتداء الركوع على تلك الحال فلم يُؤمر بالإعادة لأن النهي عن ذلك لم يكن تقدم فيكون معنى قوله: ولا تعد أنه إن عاد لزمته الإعادة لعلمه بالنهي، وذكر المهلب أنه - عليه السلام - لم يكره ذلك منه إلا أنه مثل بنفسه في مشيه في حال الركوع وأن ذلك ليس من مشي الناس وإنما تمشى كذلك البهائم فلذلك قال: لا تعد وشكر له حرصه لأنه لم يسهل عليه المشي على تلك الحالة إلا الحرص.

ولا يُعد حكم الشروع في الركوع حكم الصلاة كلها فهذا أحمد بن حنبل يرى أن صلاة المنفرد خلف الصف باطلة ويرى أن الركوع دون الصف جائز.

واختلف السلف في الركوع دون الصف فرخص فيه زيد بن ثابت وفعل ذلك ابن مسعود وزيد بن وهب وروي عن سعيد بن جبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن وعروة وابن جريج ومعمر أنهم فعلوا ذلك.

وقال الزهري: إن كان قريبًا من الصف فعل وإن كان بعيدًا لم يفعل وبه قال الأوزاعي.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>