وراءهم، فإن أحسنوا فلكم ولهم وإن أساء فلكم وعليهم" في إسناده عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة وهو ضعيف جدًّا.
وفيه تقديم أقرأ الرجلين على أفقههما في الإمامة وبه قال الأحنف بن قيس وابن سيرين والثوري وأبو حنيفة وأحمد وبعض أصحابهما.
وقال الشافعي ومالك وأصحابهما: الأفقه مقدم على الأقرأ، لأن الذي يحتاج إليه من القراءة مضبوط، والذي يحتاج إليه من الفقه غير مضبوط، وقد يعرض في الصلاة أمر لا يقدر على مراعاة الصواب فيه إلا كامل الفقه.
قالوا: ولهذا قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر في الصلاة على الباقين مع أنه - صلى الله عليه وسلم - نص على أن غيره أقرأ منه وذكروا حديث أبي في القراءة وفيه نظر، لأنه لا ذكر لأبي بكر في ذلك الحديث وقد ذكر فيه الأقضى والأعلم بالحلال والحرام.
وإلى تقديم الأفقه ذهب عطاء والأوزاعي وأبو ثور، وأجابوا عن الحديث بأن الأقرأ من الصحابة كان هو الأفقه، لكن قوله: "فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة" دليل على تقديم الأقرأ مطلقًا.
ولنا وجه اختاره جماعة من الأصحاب أن الأورع مقدم على الأفقه والأقرأ، لأن مقصود الإمامة تحصل من الأورع أكثر من غيره.
وقوله:(فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة) فيه مراعاة الترتيب بتقديم الأقرأ ثم الأفقه ثم الأقدم هجرة وتضمن ذلك أن أمر الهجرة محكم غير منسوخ، وإليه ذهب الجمهور.
ومن قال بالنسخ تمسك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية" الحديث، وهو محمول عند الأكثرين على أن المراد لا هجرة من مكة إلى المدينة، لأن مكة صارت دار إسلام فنسخ حكم الهجرة منها إلى المدينة كما كان قبل فتحها، أو