للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لوروده في سائر القراءة.

واحتج أصحابنا على الجهر بها بالأحاديث والآثار السابقة في ذلك، قالوا: ولم يرد تصريح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقتضي عدم الجهر بها إلا في روايتين عن ابن مغفل وأنس وقد سبق تضعيف الأولى وتعليل الثانية.

ومنهم من استدل بحديث: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين"، ولا حجة فيه للإسرار، وإنما يمكن أن يحتج به لمذهب مالك كما سيأتي.

واحتجوا على الجهر بها بحديث أبي هريرة: لا صلاة إلا بقراءة، فما أعلن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلنّاه وما أخفى أخفيناه، وكان ممن يجهر بالبسملة، فصار ذلك عن أبي هريرة رأيًا ورواية وهو في الصحيح، ومثله عن أبي هريرة حديث: إني لأشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد تقدم؛ صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.

وتقدم عن أبي هريرة في ذلك عدة أحاديث.

وبحديث قتادة عن أنس: كيف كانت قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: كانت مدًّا ثم قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

قال الحازمي: هذا حديث صحيح لا نعلم له علة وفيه دلالة على الجهر مطلقًا فيتناول الصلاة وغيرها، لأن قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو اختلفت في الجهر بين حالتي الصلاة وغيرها لبينها، ولمَّا أطلق الجواب دل على أن القراءة كانت كذلك في الصلاة وغيرها.

وأما ما حكي عن الدارقطني: لا يصح فيها حديث فلا يصح هذا عن الدارقطني لأنه صحح في "سننه" في ذلك عدة أحاديث، وقد ذكرنا شيئًا منها.

وأما قول بعض التابعين بدعة فلا حجة فيه إن ثبت عنه لأنه أخبر عن

<<  <  ج: ص:  >  >>