قال أبو عمر: الخلاف في البسملة موجود قديمًا وحديثًا، قال: ولم يختلف أهل مكة أن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أول آية من الفاتحة ولو ثبت إجماع أهل المدينة لم يكن حجة مع وجود الخلاف لغيرهم هذا مذهب الجمهور.
وأما قولهم: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بن كعب:"كيف تقرأ أم القرآن فقال: الحمد لله رب العالمين"، فجوابه أن هذا غير ثابت وإنما لفظه في كتاب الترمذي:"كيف تقرأ في الصلاة"، فقرأ أم القرآن وهذا لا دليل فيه، وفي سنن الدارقطني عكس ما ذكروه، وهو أنه - عليه السلام - قال لبريدة:"بأي شيء تستفتح القرآن إذا افتتحت الصلاة"؟ قال: قلت: ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وعن علي وجابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمعناه.
فصل
وأمّا الاحتجاج للمذاهب السابقة من الجهر بها أو الإسرار بها أو عدم الإتيان بها:
فأما من رأى الإسرار بها فيحتج بحديث أنس: فلم أسمع أحد منهم يجهر ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وقد تقدمت طرقه.
وحديث ابن مسعود: ما جهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة مكتوبة ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحديث وما في معناهما مما سبق.
قالوا: ولأن الجهر بها منسوخ وذكروا في ذلك حديث ابن عباس: أنه كان بمكة فكان المشركون يقولون: يدعو إلى رحمن اليمامة فتركه.
وما ذكرناه من قول الدارقطني: لم يصح في الجهر بها حديث وبقول بعض التابعين: بدعة كما تقدم.
وقالوا: قياسًا على التعوذ، وقالوا: لو كان الجهر بها ثابتًا لنقل نقلًا متواترًا