للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ محيي الدين (١) وقال: واعلم أن من أعضاء الوضوء ما لا يستحب فيه التيامن؛ وهو الأذنان والكفان والخدان بل يُطهَّران دفعةً واحدةً، فإنْ تعذر ذلك كما في حق الأقطع ونحوه، قدَّم اليميَن (٢).

وفيه الاستنجاء بالحجارة، وقد تعلق به أهل الظاهر وقالوا: الحجر متعين لا يجزئ غيره.

وقد سئل سعيد بن المسيب عن الاستنجاء بالماء فقال: إنما ذلك وضوء النساء (٣).

وعن غيره من السلف ما يشعر بذلك (٤) أيضًا.

والسنة دلَّتْ على الاستنجاء بالماء كما سيأتي في حديثه بعد هذا بيسير إن شاء الله تعالى، ولعل سعيد بن المسيب رحمه الله فهم من أحد غلوًا في هذا الباب بحيث يمنع الاستجمار بالأحجار فقصد في مقابلته أن يذكر هذا اللفظ لإزالة ذلك الغلو وبالغ في إفراده إياه على هذه الصيغة.

وقد ذهب بعضُ الفقهاء وهو ابن حبيب من أصحاب مالك إلى أن الاستنجاء بالحجارة إنما هو عند عدم الماء (٥).

فإذا ذهب إليه بعض الفقهاء فلا يبعد أن يقع لغيرهم في زمن سعيد، وكذلك غير الحجارة مما يستنجى به من خرق وخشب وغير ذلك كل ذلك قائم مقام الحجارة؛ وإنما المقصود إزالة العين، والتقييد بالحجارة تقييد بالغالب لأنها المتيسرة، فلا يدلُّ


(١) "شرح النووي" على مسلم (٣/ ٥٠٢).
(٢) المصدر السابق.
(٣) ذكره ابن قدامة في "المغني" (١/ ١٧٣).
(٤) انظر "الأوسط" لابن المنذر (١/ ٣٤٥ - ٣٤٦).
(٥) انظر "فتح الباري" (١/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>