للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "أو يستنجي برجيع أو عظم" قد تقدم تفسير الرجيع والعلة فيه النجاسة وقد أخذ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بحجرين وألقى [الروثة] (١) وقال: "هذه ركسٌ" في حديث ابن مسعود، ويلتحق به ما في معناه ولا فرق في النجس بين المائع والجامد فإن استنجى بنجس لم يصح استنجاؤه ووجب عليه بعد ذلك الاستنجاء بالماء ولا يجزئه الحجر لأن الموضع صار نجسًا بنجاسة أَجْنَبْيَّةٍ.

[فأما] (٢) العظم فلكونه طعامًا للجن فنبَّه به على جميع المطعومات ويلتحق بها المحترمات كأجزاء الحيوان وأوراق كتب العلم وغير ذلك، وقد علَّل النهي عن الاستنجاء بالرجيع والعظم معًا لكونهما زادٌ للجنِّ.

روى أبو داود (٣) من حديث عبد الله بن مسعي قال: قدم وفدُ الجن على النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا محمد! انه أُمَّتك أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حُمَمَة؛ فإن الله جعل لنا فيها رزقًا؛ قال: فنهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -.

وروى البخاري (٤) من حديث أبي هريرة قال: فقلت: ما بال العظم والروثة؟ قال: "هما من طعام الجن، وإنه أتاني وفد جن نَصِيْبيِنَ ونعم الجن؛ فسألوني الزاد فدعوت الله أن لا يمروا بعظم ولا روثة إلا وجدوا عليها طعامًا".

وفي بعض الحديث "فأما الروث فعلف دوابهم".

ويؤخذ من هذا الحديث احترامُ أطعمةِ بني آدم وتنزيهها من استعمالها في هذه القاذورات، ووجهه أنه إذا منع من الاستنجاء بالعظم والروث لأنهما زاد الجن وطعامهم فأحرى وأولى زاد الإنس وطعامهم.


(١) غير مقروء في ت ولكنها ثابتة في عدد من المصادر التي أخرجت الحديث.
(٢) يقتضيها السياق وهي غير مقروءه في ت.
(٣) في "سننه" (كتاب الطهارة ١/ ٣٦ - ٣٧/ ٣٩) باب ما يُنهي عنه أن يستنجى به.
(٤) في "صحيحه" (كتاب فضائل الصحابة ٣/ ٤٠١ / ٣٦٤٧) باب ذكر الجن وقول الله تعالى {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>