للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بصحته فقد تضمَّن كلامه أن البخاري أخرج حديث زهير عن أبي إسحاق والبخاري اشترط الصحيح وأنه أخرج (١) حديث إسرائيل عن أبي إسحاق ورجَّح إسرائيل في أبي إسحاق على زهير فهو عنده أصح مما أخرجه البخاري فقد تضمَّن ذلك منه الحكم بصحة مخرجه فهذا تصحيح مع الاضطراب وكثيرًا ما يُعِلُّون بالاضطراب فتبيَّن أنَّ الاضطراب ليس قادحًا على الإطلاق بل منه القادح وغيره فينبغي تمييز القادح من غيره فنقول:

قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح (٢): المضطرب من الحديث هو الذي تختلف الرواية فيه فيرويه بعضهم على وجه وبعضهم على وجه آخر مخالف له، وإنما نُسمِّيه مضطربًا إذا تساوت [الروايتان] (٣). أما إذا ترجحت إحداهما بحيث لا تقاويها (٤) الأخرى بأن يكون رواتها أحفظ وأكثر صحبة للمروي عنه أو غير ذلك من وجوه الترجيحات المعتمدة؛ فالحكم للراجح ولا يطلق عليه حينئذ وصف الاضطراب ولا له حكمه، ثم يقع الاضطراب في متن الحديث وقد يقع في الإسناد وقد يقع ذلك من راوٍ واحد وقد يقع من رواة له جماعة، والاضطراب يوجب ضعف الحديث لإشعاره بأنه لم يضبط.

قلت: هذه الضوابط في هذا وأمثاله ليست مضطربة اقتضتها الأدلة ولا هي مما أدَّى إليه السبر والتقسيم وإنما هي حكاية عن اصطلاح قوم، وما ذكره الشيخ أبو عمرو: في المضطرب ينبغي أن يكون أحد أقسامه وإلا كان الاضطراب مظنة الضعف أو مظنة الوقف، ولأدى إلى أن لا يقبل مضطرب وليس كذلك.


(١) أي الإمام الترمذي.
(٢) في "مقدمة علوم الحديث" ص (٤٤) النوع التاسع عشر.
(٣) كذا في مقدمة ابن الصلاح وهو المناسب للسياق وفي ت: "الروايات".
(٤) كذا في المقدمة لا تقاومها.

<<  <  ج: ص:  >  >>