فأما الاضطراب فإنه يرجع تارة إلى السند وتارة إلى المتن وفي كُلِّ منهما القادح وغيره، فصارت أقسامًا أربعة:
* فالأول الحديث يروى عن الثقة عن ثقة مثله تارة وعن من تُكُلِّمَ فيه تارة والراوي عنهما واحد والطرق إليه مختلفة، كما وقع من الاختلاف في الحديث المروي عن عبيد الله العمري وعبد الله أخيه عن الزهري أو غيره من الشيوخ فإنَّ عبيد الله مجمع على قوله وعبد الله مختلف فيه فهذا اضطراب يرجع إلى الإسناد وهو مما يوجب الوهن لأنَّ ناقل الحديث في نفس الأمر أشكلَ علينا ودار الأمر فيه: متفق عليه، ومختلف فيه فلم يثبت عن من نعرف حاله يقينًا بغير شك.
* الثاني: الاضطراب الإسنادي غير القادح وهو أن يكون الانتقال فيه من ثقة إلى ثقة كالحديث الذي نحن فيه فقد وصفوه كلهم بالاضطراب وخرج مع ذلك في الصحيح وهو اضطراب يرجع إلى الإسناد، والخلاف فيه على أبي إسحاق بين أبي عبيدة والأسود بن يزيد وعبد الرحمن ابنه وعبد الرحمن بن يزيد وعلقمة وكلُّهم ثقاتٌ فكيف ما انقلبنا انقلبنا (١) إلى ثقة فهذا وأمثاله لا يضر ولا يُعدُّ قادحًا.
وأما الراجع إلى المتن؛ فأن تختلف ألفاظه اختلافًا كبيرًا فإن أمكن أن يرد إلى شيء واحد ومعان متقاربة كما في قوله - عليه السلام -: "اذهب فقد زوجتكها أو أنكحتكها أو ملكتها" إلى غير ذلك من الألفاظ التي إنْ وقع بينها خلاف في المعنى فيسير محتمل، فهذا اضطراب يرجع وهو غيرُ قادح، وإن اختلف أهل العلم فيما يستنبطونه من تلك الألفاظ بحسب اختلاف معانيها عند بعضهم أو اتفاقها عند بعضهم؛ إذ لولا ذلك الاختلاف اليسير من حيث المعنى عند من رواه لكان الخلف