وقصاص الشعر أول منبته فالساجد عليه لا يصل إلى الأنف قالوا: وحكم الأنف والجبهة في الحديث حكم العضو الواحد ولو كانا عضوين لكان العدد ثمانية فدل ذلك على أن الأمر بالأنف إنما هو بحكم التبع والتمام كما قالوا في الاكتفاء بمسح بعض الرأس عن كله.
وقد يورد على من قال ذاك القول بقول أبي حنيفة فأكثر ما فيه أن الجبهة والأنف عضو واحد فإن اقتصر على بعضه أجزأه فلم كان ذلك البعض الجبهة دون الأنف والله أعلم.
الثالثة: تمكين الوضع للجبهة والأنف من غير حائل لما في حديث أبي حميد من قوله: (مكن جبهته الأرض) وهو يقتضي أكثر من الإمساس والمباشرة.
قال الأصحاب: والأولى أن يسجد على جبهته كلها فإن اقتصر على ما يقع عليه الاسم منها أجزأه مع أنه مكروه كراهة تنزيه هذا هو الصواب الذي نص عليه الشافعي في "الأم" وقطع به جمهور الأصحاب وحكى ابن كج والدارمي وجهًا أنه يجب وضع جميعها وهو شاذ ضعيف.
ولو سجد على جانب الجبهة أو على خده أو صدغه أو مقدم رأسه أو على أنفه ولم يضع شيئًا من جبهته على الأرض ولم يجزئه بلا خلاف ونص عليه في "الأم".
والصحيح من الوجهين أنه لا يكفي في وضع الجبهة الإمساس بل يجب أن يتحامل على موضع سجوده بثقل رأسه وعنقه حتى تستقر جبهته فلو سجد على قطن أو حشيش أو شيء محشو بهما وجب أن يتحامل حتى يظهر أثره فإن لم يفعل لم يجزئه وقال إمام الحرمين: عندي أنه يكفي إرخاء رأسه ولا حاجة إلى التحامل والمذهب الأول.