للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الحاكم عن علي بن المديني، قال: كان زهير وإسرائيل يقولان عن أبي إسحاق أنه كان يقول: ليس أبو عبيدة حدثنا ولكن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الاستنجاء بالأحجار الثلاثة (١).

وهناك ذكر الحاكم عن ابن الشاذكوني: هذا من التدليس الخفي فإن كان هذا فهمًا فهمه من كلام ابن المديني فليس في كلام ابن المديني ما يدلُّ عليه وإن كان غير ذلك فيحتاج إلى البيان، فلنذكر كلام الشاذكوني بنصه ثم نذكر ما يمكن أنَّ يرد به عليه؛ قال: وما سمعت بتدليس قط أعجب من هذا ولا أخفى (٢): (قال أبو عبيدة لم يحدِّثنا ولكن فلان عن فلان) ولم يقل حدثني فجاز الحديث وسار (٢).

وأمَّا ما يمكن أنَّ يردَّ به عليه فنقول: إن كلام سليمان الشاذكوني يقتضي الانقطاع من الطريقين؛ أما طريق أبي عبيدة فلإضراب أبي إسحاق عنها.

وأما طريق عبد الرحمن بن الأسود فلما أشار إليه بالتدليس في إبهام السماع الذي لم يقع، والحمل على الاتصال أولى من الحمل على الانقطاع ها هنا.

لأنَّ البخاري أورده في صحيحه (٣) المشروط فيه الاتصال من طريق عبد الرحمن بن الأسود ولو كانت هذه الصيغة محمولة عنده على التدليس المؤدِّي إلى الانقطاع لما ذكره. وإن الترمذي أورده في "جامعه " ذاهبًا إلى الاتصال بين أبي إسحاق وأبي عبيد [ة] (٤) بل مرجحًا لهذه الطريق على غيرها ولو احتمل عنده الانقطاع لنبه عليه كما نبه على الانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه، ولأن الدَّارمي لما سأله


(١) في معرفة علوم الحديث ص (١٠٩).
(٢) المصدر السابق.
(٣) كما تقدم قريبًا.
(٤) يقتضيها السياق وفي المخطوط ت: "أبي عبيد" كذا بدون التاء المربوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>