للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتوضّأ منها، والغالب عليها القلّة، وقد لا يخلو الإنسان من حك بثرة في جسمه أو ما أشبه ذلك، فيعلق دمه بيده، فاستحبّوا غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء في ابتداء الوضوء مطلقًا، سواء قام من النوم أو لا، ولهم فيه مأخذان:

* أحدهما: أنَّ ذلك وارد في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير تعرض لسبق نوم.

* الثاني: أن المعنى الذي عُلِّل به النوم وهو جولان اليد في الجسد؛ هو موجود في حالة اليقظة أيضًا فيعمّ الحكم لوجود علته.

وإنّما ذُكر الليل لكونه الغالب، وذكر العلّة لينبه على أنّه ليس مخصوصًا باللَّيل، إلَّا أنَّ الأصحاب رحمهم الله تعالى فرّقوا بين حالة المستيقظ من النوم، وغير المستيقظ وهي التفرقة التي تقدَّمت الإشارة إليها.

فقالوا في المستيقظ من النوم:

* يكره أن يغمس يده في الإناء قبل غسلها ثلاثًا. وفي غير المستيقظ من النوم يستحبُ له غسلها قبل إدخالها في الإناء على أظهر الوجهين.

* والثاني: يكره الغمس قبل الغسل كالأول.

والفرق بين قولنا يستحبّ فعل كذا وقولنا يكره تركه ظاهر. فلا تلازم بينهما، إذ قد يكون الشيء مستحب الفعل، ولا يكون مكروه الترك؛ كصلاة الضحى مثلًا، وكصوم يوم الاثنين والخميس. فغسلهما لغير المستيقظ من النوم قبل إدخالهما الإناء من المستحبّات، وترك غسلهما للمستيقظ من المكروهات.

فقد وردت صيغة النهي عن إدخالهما في الإناء قبل الغسل في حق المستيقظ من النوم، وأقل ما يقتضيه الكراهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>