للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا مجمع عليه بشرط الإسباغ، وما زاد عليها فهو الأفضل، وكان ذلك منه - عليه السلام - في الاقتصار على المرة لبيان الجواز، وفي الزيادة عليها للأفضلية، وبيان الجواز في المرتين، ولكمال الأفضلية في الثلاث.

وقال القاضي الإمام أبو بكر (١) بن العربي -رحمه الله- قال: الرواية (٢) عن النبي - عليه السلام -: أنه توضأ مرة ومرتين وثلاثًا، وذلك من قولهم لا يخلو أن يعبروا به عن الغرفات، أو عن إيعاب العضو كل مرة، ولا يجوز أن يكون إخبارًا عن إيعاب العضو كل مرة، فإن ذلك أمر مغيب لا يصح لأحد أن يعلمه، فعاد القول إلى أعداد الغرفات؛ فلأجل ذلك قال ابن القاسم: لم يكن مالك يوقت في الوضوء بمرة ولا مرتين ولا ثلاثًا إلا ما أسبغ.

وقد اختلفت الآثار في التوقيت، إشارة إلى أن التعويل على الإسباغ، وذلك يختلف بحسب اختلاف قدر الغرفة وحال البدن.

قال: إذا ثبت هذا، فليس للتفريع على الأعداد معنى. فإن المقصود الإيعاب، والأعداد له.

وأحسن مما قاله القاضي أبو بكر، قول الشيخ أبي (٣) العباس: هو تعديد الغسلات لا تعديد الغرفات، كما ذهب إليه بعضهم، وليس بشيء إذ لم يجر للغرفات.

رأوا أنه إذا لم يجر الغرفات في هذا الحديث، ذكروا: إنما قال: غسل يديه ثلاث مرات، وثلاثَ: منصوب؛ نصبه المصدر لإضافته إليه، فكأنه قال: غسلات ثلاثًا، ومن ضرورة ذلك تعداد الغرفات (٣).


(١) عارضة الأحوذي (١/ ٥٦ - ٥٧).
(٢) في المعارضة قال: الرواة وهو المناسب للسياق.
(٣) المفهم (١/ ٤٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>