للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر، في قوله: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}؛ فوجب أن لا يمنع من الإجزاء، فإن قيل: الأوامر تقتضي الفور.

قيل: فيه بين أصحابنا خلاف.

وروى نافع عن ابن عمر: أنه توضأ في منزله، وفي رجليه خفاف، فلم يمسح عليهما، حتى خرج إلى المسجد، فحضرت جنازة، فدعا بماء، فمسح على خفيه، وذلك بالمدينة فلم ينكر عليه أحد.

ولأنه تفريق في تطهير، فجاز كالتفريق اليسير.

ولأن كل عبادة جاز فيها التفريق اليسير، جاز الكثير، كالحج طردًا والصلاة عكسًا، هذا عن أبي الحسن الماوردي (١). وقد استدل بعض أهل العلم، على جواز التفريق، بحديث رواه من طريق حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن أبي سلمة وهو ابن عبد الرحمن بن عوف، عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يغتسل من الجنابة، بدأ فيغسل يديه ثلاثًا، ثم يأخذ بيمينه فيصب على يساره، فيغسل فرجه حتى ينقيه، ثم يغسل يديه غسلًا حسنًا، ثم يمضمض ثلاثًا، ثم يستنشق ثلاثًا، ويغسل وجهه ثلاثًا، ويغسل ذراعيه ثلاثًا، ثم يصب على رأسه ثلاثًا، ثم يغسل جسده غسلًا، فإذا خرج من مغتسله غسل رجليه (٢).

قال (٣): إذا جاز أن يجعل بين وضوءه، وغسله، وبين تمام ذلك بغسل رجليه، مهلة خروجه عن مغتسله، فالتفريق جائز.

وذهب عبد العزيز بن أبي سلمة إلى أن الموالاة فرض؛ قال أبو (٤) محمد بن


(١) الحاوي الكبير (١/ ١٣٦ - ١٣٧).
(٢) رواه أحمد في مسنده (٦/ ٩٦).
(٣) لم أقف على اسم القائل.
(٤) سبقت ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>