للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه بالقبول مجازًا، وقد تمسك به مِنْ لا يَرَى وجوب الوضوء لكل صلاة -وهم الجمهور-، إذ الطهور الذي تقام به الصلاة الحاضرة أعم مِن أنْ يكون قد أقيمت به صلاة أخرى، أو لم تُقَم.

وكذلك أيضًا قوله - عليه السلام -: "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ"؛ لأن نفي القبول ممتد إلى غاية الوضوء، ومعلوم أن ما بعد الغاية مغاير لما قبلها؛ فيقتضي ذلك قبول الصلاة بعد الوضوء مطلقًا. ويدخل تحته الصلاة الثانية قبل الوضوء ثانيًا، وقد استدل جماعة من المتقدمين بانتفاء القبول على انتفاء الصحة، وفيه بحث ذكره شيخنا الإِمام الحافظ أبو الفتح القشيري. وسيأتي في الكلام على قوله - عليه السلام -: "لا تقبل صلاة أحدع إذا أحدث حتى يتوضأ"، إن شاء الله تعالى.

وذهب بعض الفقهاء من المالكية إلى أن الطهارة شرط في وجوب الصلاة.

وقال آخرون منهم: بل هي شرط في أدائها لا في وجوبها، وبنوا عليه الخلاف فيمن لم يجد ماء ولا ترابًا حتى خرج الوقت، هل عليه القضاء أو لا. وسيأتي تفصيل مذهبهم في ذلك، وقد تمسك بعضهم في وجوب الاغتسال على الكافر إذا أسلم بهذا الحديث؛ قال القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله تعالى: هو مستحب عند الشافعي وأبي إسحاق القاضي.

وقال مالك وابن القاسم وأحمد وأبو ثور: هو واجب، وهو الصحيح لقوله عليه السلام: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور".

وقد أجمعت الأمة على وجوب الوضوء، فالغسل مثله، دليلًا بدليل، واعتراضًا باعتراض، وجوابًا بجواب.

قلت: وقد خرج الترمذي عن قيس بن عاصم: أنه أسلم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>