للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى عن ابن عباس وابن عمر، وروى عن عبد الرحمن بن زياد: سفيان الثوري، وأبو يوسف القاضي وابن لهيعة ولا أعلم أحدأ من أهل المغرب أشهر عند أهل المشرق منه، ويسمونه الإفريقي.

وكان قد ولي القضاء بإفريقية مرتين:

الأولى: في أيام بني أمية ولاه عليها مروان بن محمد بن مروان بن الحكم المعروف بالجعدي، وهو آخر من ملك من بني مروان كتب بتوليته القضاء إليه كتابًا وذلك في سنة سبع وعشرين ومئة في السنة التي ولي فيها عبد الرحمن بن حبيب القرشي إفريقية.

والثانية: في أيام أبي جعفر المنصور وكان عبد الرحمن قد أسره الروم في البحر وساروا به إلى القسطنطينية، فافتك وسمع من المشائخ بالمشرق؛ قال عبد الرحمن: كنا جماعة أسرى فرُفعنا إلى الطاغية، فبينا نحن في حبسه إذ غشيه عيدٌ فأقبل علينا فيه من الحار والبارد، ما يفوق المقدار إذ أخبرت امرأة نفيسة على الملك بحسن صنيع الملك بالعرب، فمزقت ثيابها، ونثرت شعرها، وسودت وجهها، وأقبلت إليه بمنظر شائه، فقال: ما لك؟ فقالت: إن العرب قتلت ابني وزوجي وأخي وأنت تفعل بهم الذي رأيت؛ فأغضبته، فقال: علي بهم، فصرنا بين يديه سماطين، فأمر سيافًا فضرب عنق واحد واحد، حتى قرب الأمر مني، فحركت شفتي فقلت: الله، الله ربي لا أشرك به شيئًا، فقال: قدموا شماس العرب، يريد عالمهم، فقال لي: ما قلت؟ فأعلمته، فقال لي: ومن أين علمته، فقلت له: نبينا - صلى الله عليه وسلم - أمرنا بهذا، فقال لي: وعيسى أمرنا بهذا في الإنجيل، فأطلقني ومن معي، ولما غلبت الصفرية على إفريقية خرج جماعة من العرب فيهم عبد الرحمن بن زياد فأتوا أبا جعفر المنصور ويستنصرونه على البربر فوجه معهم محمد بن الأشعث الخزاعي في الأجناد، وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>