تلك السنة سمع منه سفيان الثوري، وكبار أصحاب أبي حنيفة، وغلب ابن الأشعث على إفريقية وقتل البربر وصار على قضائها عبد الرحمن من قبل أبي جعفر، وقيل: دخل على المنصور يومًا فقال: يا ابن أنعم! ألا تحمد الله الذي أراحك مما كنت ترى بباب هشام وذوي هشام، فقلت: ما كنت أرى في ذلك الزمان شيئًا إلا أرى اليوم منه طرفًا، فقال: ما منعك أن ترفع ذلك إلينا وأنت تعلم أن قولك عندنا مقبول؟ فقال: إني رأيت السلطان سوقًا وإنما يرفع إلى كل سوق ما يجوز فيها؛ قال: فكبا لها أبو جعفر، ثم رفع رأسه، فقال: كأنك كرهت صحبتنا؟ فقال: ما يدرك المال والشرف إلا في صحبتك، وإني تركت عجوزًا، فقال: اذهب فقد أذنا لك في الذهاب.
وذكر ابن الوكيل أيضًا عن عمر بن شبة؛ قال: لقي عبد الرحمن بن زياد عيسى بن موسى بالكوفة فقيل لعيسى بن موسى: إن من حال هذا الرجل كذا وكذا، فقال له: وما يمنعك من إتياننا؟ فقال: وما أصنع عندك إن أتيتك فأدنيتني؛ قتلتني، وإن أقصيتني؛ أحزنتني، وليس عندك ما أرجوه ولا عندي ما أخافك عليه، ولما انصرف ابن أنعم كتب إلى خاصته بهذه الأبيات:
ذكرت القيروان فهاج شوقي ... وأين القيروان من العراق