للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلك السنة سمع منه سفيان الثوري، وكبار أصحاب أبي حنيفة، وغلب ابن الأشعث على إفريقية وقتل البربر وصار على قضائها عبد الرحمن من قبل أبي جعفر، وقيل: دخل على المنصور يومًا فقال: يا ابن أنعم! ألا تحمد الله الذي أراحك مما كنت ترى بباب هشام وذوي هشام، فقلت: ما كنت أرى في ذلك الزمان شيئًا إلا أرى اليوم منه طرفًا، فقال: ما منعك أن ترفع ذلك إلينا وأنت تعلم أن قولك عندنا مقبول؟ فقال: إني رأيت السلطان سوقًا وإنما يرفع إلى كل سوق ما يجوز فيها؛ قال: فكبا لها أبو جعفر، ثم رفع رأسه، فقال: كأنك كرهت صحبتنا؟ فقال: ما يدرك المال والشرف إلا في صحبتك، وإني تركت عجوزًا، فقال: اذهب فقد أذنا لك في الذهاب.

وذكر ابن الوكيل أيضًا عن عمر بن شبة؛ قال: لقي عبد الرحمن بن زياد عيسى بن موسى بالكوفة فقيل لعيسى بن موسى: إن من حال هذا الرجل كذا وكذا، فقال له: وما يمنعك من إتياننا؟ فقال: وما أصنع عندك إن أتيتك فأدنيتني؛ قتلتني، وإن أقصيتني؛ أحزنتني، وليس عندك ما أرجوه ولا عندي ما أخافك عليه، ولما انصرف ابن أنعم كتب إلى خاصته بهذه الأبيات:

ذكرت القيروان فهاج شوقي ... وأين القيروان من العراق

مسيرة أشهر للعيس نصبًا ... وللخيل المضمرة العتاق

فأبلغ أنعما وبني أبيه ... ومن ترحالنا وله تلاق

بأن الله قد خلى سبيلي ... وجد بنا المسير إلى مزاق

مزاق: فحص بالقيروان؛ لتمزق السحاب عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>