للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي (١): وهذا النهي في بعض المياه للتحريم وفي بعضها للكراهة (٢)، فإن كان الماء كثيرًا جاريًا، لم يحرم البول فيه لمفهوم الحديث، ولكن الأولى اجتنابه وإن كان قليلًا جاريًا؛ فقد قال جماعة من أصحابنا يكره والمختار أنه يحرم ولأنه يقذره وينجسه على المشهور من مذهب الشافعي وغيره، ويغر غيره فيستعمله مع أنه نجس وإن كان الماء كثيرًا راكدًا. فقال أصحابنا: يكره ولا يحرم (٣).

ولو قيل: يحرم لم يكن بعيدًا، فإن النهي يقتضي التحريم على المختار عند المحققين والأكثرين من أهل الأصول وفيه من المعنى أنه يقذره وربما أدى إلى تنجيسه بالإجماع لتغيره أو إلى تنجيسه عند أبي حنيفة ومن وافقه في أن الغدير الذي يتحرك طرفه يتحرك طرفه الآخر ينجس بوقوع نجاسة فيه.

وأما الراكد القليل فقد أطلق جماعة من أصحابنا أنه مكروه، والصواب المختار أنه يحرم البول فيه لأنه ينجسه، ويتلف مائيته ويغير غيره باستعماله.

والتغوط في الماء كالبول فيه وأقبح وكذا إذا بال في إناء ثم صبه في الماء وكذا وإذا بال بقرب النهر بحيث يجري إليه البول فكله مذموم قبيح منهي عنه على التفصيل المذكور ولم يخالف في هذا أحد من العلماء؛ إلا ما حكى عن داود الظاهري وليس بشيء (٤).

وقال العلماء: ويكره البول والتغوط بقرب الماء وإن لم يصل إليه لعموم نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن البراز في الموارد، ولما فيه من إيذاء المارين بالماء، ولما يخاف من وصوله إلى الماء.


(١) شرح صحيح مسلم (٣/ ١٧٨ - ١٧٩).
(٢) زاد النووي ويؤخذ ذلك من حكم المسألة.
(٣) قال النووي قال أصحابنا وغيرهم من العلماء.
(٤) شرح صحيح مسلم (٣/ ١٧٨ - ١٧٩) بتصرف بيسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>