للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما (١) قول ابن عمرو في البحر إنه نار، فقيل: باعتبار أنه يصير يوم القيامة نارًا؛ قال الله تعالى: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ}؛ وقال: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ}؛ فوصفه بما يؤول إليه حاله، وذلك من كلام العرب معروف (٢).

الثاني: أنه أراد أن البحر في إهلاكه لراكبه؛ كالنار في الصفة؛ كما يقال (٣): السلطان نار؛ أي فعله فعل يهلك كفعل النار.

وأما القول المحكي عن سعيد بن المسيب أنه لا يتطهر به إلا عند الضرورة، فقد أشار بعضهم إلى تعلقه بهذا الحديث بناء على أحد القولين في الأصول في العام الوارد على سبب (٤).

قال القشيري (٥): وقد أشار بعض فقهاء المالكية المتأخرين إلى تصحيح قول سعيد بن المسيب أنه إنما يتوضأ به إذ ألجئ إليه من هذا الحديث لأنه ورد جوابًا عن قوله: إن توضأنا به عطشنا، وأجاب بأن حمله على المسألة الأصولية أن المرجح عند الأكثرين القول بالعموم (٦)، وقال: إنما يلزم ذلك الشافعي الذي يختار تخصيص العام بسببه (٧).

وذكر شيخنا الإِمام أبو (٨) الفتح القشيري رحمه الله في الكلام على فوائد هذا


(١) هذا ابتداء كلام ابن دقيق العيد في شرح الإلمام (١/ ٢٧١).
(٢) في شرح الإلمام (١/ ٢٧٢) وذلك من مذاهب العرب جائز. قلت: وهذا على أحد إلَّا وجه في تفسير الآيتين.
انظر جامع البيان (٣٠/ ٦٧) و (٢٧/ ١٨)، وزاد المسير (٩/ ٣٩) و (٨/ ٤٧ - ٤٨).
(٣) في شرح الإلمام (١/ ٢٧٢) ولهذا يقال.
(٤) شرح الإلمام (١/ ٢٦٩ - ٢٧٢).
(٥) شرح الإلمام (١/ ٢٧٤).
(٦) يريد بذلك أن العام لا يقصر على سببه، بل العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
(٧) شرح الإلمام (١/ ٢٧٤ - ٢٧٥).
(٨) شرح الإلمام (١/ ٢٨٩ فما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>