للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: وما يعذبان في كبير؛ يحتمل معنيين، والذي يجب أن يحمل عليه منهما أنهما لا يعذبان في كبير إزالته أو دفعه أو الاحتراز منه، فإنه سهل يسير على من يريد التوقي منه، ولا يراد بذلك أنه صغير من الذنوب غير كبير منها؛ لأنه قد ورد في صحيح الحديث: وإنه لكبير.

وقوله: وإنه لكبير يريد كبير الذنب (١).

وقوله: وما يعذبان في كبير على سهولة الدفع والاحتراز ويوضحه قول المازري (٢)؛ قوله: وما يعذبان في كبير، ثم ذكر النميمة، وقد تكون من الكبائر، فيحتمل أن يريد به في كبير عليهم تركه، وإن كان كبيرًا عند الله (٢).

ولا شك أن النميمة في بعض الأخبار، قال الإِمام (٣): والمنهي عنه على ثلاثة أنحاء: منه ما يشق تركه على الطباع كالملاذ المنهي عنها، ومنه ما ينوء عنه الطبع ولا يدعو إليه كالنهي عن تناول السموم، وإهلاك النفس، ومنه ما لا مشقة على النفس في تركه فهذا القسم مما يقال فيه ليس بكبير على الإنسان تركه (٣).

قال القاضي (٤) عياض: وقيل في معنى وما يعذبان في كبير أي عندكم؛ ألا تراه كيف قال بلى في غير كتاب مسلم: أي بلى هو كبير عند الله كما قال: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} (٥) وهذا أظهر في معنى بلى من رده على غير هذا (٦).


(١) هذا ابتداء كلام ابن دقيق العيد في شرح عمدة الأحكام (١/ ٦١ - ٦٢) ط. المصرية.
(٢) المعلم بفوائد مسلم (١/ ٣٦٦) ط. التونسية.
(٣) أي المازري كما في المعلم (١/ ٣٦٦).
(٤) إكمال المعلم (٢/ ١١٨).
(٥) النور آية ١٥.
(٦) إكمال المعلم (١/ ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>