للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يقتضيه الحديث المصرح بهذه الخصوصية أولى، وأيضًا فإن لفظة (من) لما أضيفت (١) إلى البول وهو لابتداء الغاية حقيقة، أو ما يرجع إلى معنى ابتداء الغاية مجازًا تقتضي نسبة الاستتار الذي عدمه سبب العذاب إلى البول بمعنى أن ابتداء سبب عذابه من البول فإذا حملناه على كشف العورة زال هذا المعنى.

الوجه الثاني: أن بعض هذه الروايات في هذه اللفظة يشعر بأن المراد التنزه من البول، وفي رواية وكيع: لا يتوقى، وفي رواية بعضهم: لا يستنزه؛ فتحمل هذه اللفظة على تلك المعاني ليتفق معنى الروايات (٢).

فأما النميمة؛ فقال العلماء (٣): نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد بينهم.

وقال الغزالي (٤) في الإحياء: اعلم أن النميمة إنما تطلق في الأكثر على من ينم قول الغير إلى المقول فيه؛ كما تقول فلان يتكلم فيك بكذا، قال: وليست النميمة مخصوصة بهذا بل حد النميمة كشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه، وسواء كان الكشف بالكتابة أو بالرمز أو بالإيماء! فحقيقة النميمة إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه ولو رآه يخفي مالًا لنفسه فذكره فهو نميمة؛ قال: وكل من حملت إليه نميمة وقيل له: فلان يقول فيك أو يفعل فيك كذا فعليه ستة أمور:

• الأول: أن لا يصدقه؛ لأنه النمام فاسق.

• الثاني: أن ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبح له قوله فعله.


(١) في هامش نسخة ابن العجمي: أي أدخلت، وليس المراد الإضافة الاصطلاحية.
(٢) إحكام الأحكام (١/ ٦٢ - ٦٣).
(٣) انظر شرح مسلم للنووي (٣/ ١٩٢) و (٢/ ٢٩٥).
(٤) إحياء علوم الدين (٩/ ٣٤٧ مع الإتحاف) بمعناه ونقله النووي في شرح مسلم (٢/ ٢٩٥) وكذا ابن الملقن في شرح عمدة الأحكام (١/ ٥٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>