للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الترمذي (١): وقد روى غير واحد عن الأسود، عن عائشة، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه كان يتوضأ قبل أن ينام" (٢).

وهذا أصحّ من حديث أبي إسحاق، عن الأسود ... إلى آخره (٢).

قلت: من الناس من يحمل الوهم في ذلك على أبي (٣) إسحاق معتمدًا على أنّ عبد الرحمن بن الأسود وإبراهيم النخعي روياه عن الأسود (٤)، فخالفا أبا إسحاق، فذكرا الوضوء قبل النوم فعارضاه، وكذلك من ذكرنا معهما في هذا الباب، وستأتي أحاديثهم في الباب بعد هذا.

ومن الناس من جمع بين الروايتين؛ قال الدارقطني (٥): وقال بعض أهل العلم: يشبه أن يكون الخبران صحيحين، وأنّ عائشة قالت: "ربما كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قدم الغسل وربّما أخّره". كما حكى ذلك عنها غضيف بن الحارث وعبد الله بن أبي قيس وغيرهما، وأن الأسود حفظ ذلك عنها، فحفظ عنه أبو إسحاق تأخير الوضوء والغسل، وحفظ عنه عبد الرحمن بن الأسود والنخعي تقديم الوضوء على الغسل.


(١) الجامع (١/ ٢٠٣).
(٢) رواه الطيالسي في مسنده (١٩٨) برقم ١٣٨٤.
(٣) انظر مختصر سنن أبي داود للمنذري (١/ ١٥٤) وكذا سنن ابن ماجه (١/ ١٩٢) عقب حديث رقم ٥٨٣.
وذكر الخلال عن مهنا قال: سألت أحمد عن حديث أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينام جنبًا لا يمس ماء، قال: "ليس صحيحًا". قلت: لم؟ قال. "لأن شعبة روى عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة. قلت: من قبل من جاء هذا الاختلاف؟ قال: من قبل أبي إسحاق ... , الحديث".
انظر الإمام (٣/ ٨٩ - ٩٠).
(٤) انظر السنن الكبرى للبيهقي (١/ ٢٠٢).
(٥) وكلامه هذا في العلل كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في التلخيص (١/ ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>