للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فِيْهِ، وَهُوَ ما نسميه بعملية الانتقاء، قَالَ سفيان الثوري: "اتقوا الكلبي (١)، فقيل لَهُ: إنك تروي عَنْهُ، قَالَ: إني أعلم صدقه من كذبه" (٢).

ومثلما أن تفرد الضعيف لا يرد مطلقًا، فكذلك تفرد الثقة - وكما سبق في كلام ابن رجب - لا يقبل علَى الإطلاق، وإنما القبول والرد موقوت علَى القرائن والمرجحات، قَالَ الإمام أحمد: "إذا سَمِعْتَ أصحاب الْحَدِيْث يقولون: هَذَا حَدِيْث غربب أَوْ فائدة. فاعلم أنه خطأ أو دخل حَدِيْث في حَدِيْث أَوْ خطأ من المُحدِّث أوْ حَدِيْث ليس لَهُ إسناد، وإن كَانَ قَدْ رَوَى شعبة وسفيان، فإذا سمعتهم يقولون: هَذَا لا شيء، فاعلم أنه حَدِيْث صَحِيْح" (٣).

وقالَ أبو داود: "والأحاديث الَّتِي وضعتها في كتاب "السنن" أكثرها مشاهير، وَهُوَ عِنْدَ كُلّ من كتب شَيْئًا من الْحَدِيْث، إلا أن تمييزها لا يقدر علَيْهِ كُلّ الناس، والفخر بِهَا: بأنها مشاهير، فإنه لا يحتج بحديث غريب، ولَوْ كَانَ من رِوَايَة مالك ويحيى بن سعيد والثقات من أئمة العلم" (٤).


(١) هُوَ أبو النضر مُحَمَّد بن السائب بن بشر الكلبي، متهم بالكذب، ورمي بالرفض، توفي سنة (١٤٦ هـ).
كتاب المجروحين ٢/ ٢٦٢، وسير أعلام النبلاء ٦/ ٢٤٨ - ٢٤٩، والتقريب (٥٩٠١).
(٢) الكامل ٧/ ٢٧٤، وميزان الاعتدال ٣/ ٥٥٧.
(٣) الكفاية (١٤٢ هـ، ٢٢٥ ت). والمراد من الجملة الأخيرة، أن الْحَدِيْث لا شيء يستحق أن ينظر فِيْهِ، لكونه صحيحًا ثابتًا.
(٤) رسالة أبى داود إلى أهل مكة (مع بذل المجهود) ١/ ٣٦.