للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَكِن الإسناد أعم من السند؛ فالإسناد يطلق علَى سلسلة الرُّوَاة الموصلة إلى الْمَتْن فيكون بذَلكَ مرادفًا للسند، ويكون بمعنى عزو الْحَديْث إلى قائله فهو أعم (١).

والخلاصة: المراد بالسند أَوْ الإسناد هنا: هُوَ سلسلة الروُّاة الَّذِيْنَ نقلوا الْحَدِيْث واحدًا عن الآخر، حَتى يبلغوا بِهِ إلى قائله.

[المطلب الثالث: أهمية الإسناد]

إنّ الله -صلى الله عليه وسلم- شرّف هَذِهِ الأمة بشرف الإسناد، وَمَنَّ علَيْهَا بسلسلة الإسناد واتصاله، فهو خصيصة فاضلة لهذه الأمة وليس لغيرها من الأمم السابقة، وقَدْ أسند الْخَطِيْب في كتاب "شرف أصحاب الْحَدِيْث" (٢) إلى مُحَمَّد بن حاتم بن المظفر قَالَ: ((إنّ الله كْرَمَ هَذِهِ الأمة وشرّفها وفضلها بالإسناد، وليس لأحد من الأمم كلها، قديمهم وحديثهم إسناذ، وإنما هِيَ صحف في أيديهم وقَدْ خلطوا بكتبهم أخبارهم، وليس عندهم تمييز بَيْنَ ما نزل من التوراة والإنجيل مِمَّا جاءهم بِهِ أنبياؤهم، وتمييز بَيْنَ ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار الّتِيْ أخذوا عن غَيْر الثقات. وهذه الأمة إنما تنُصّ الْحَدِيْث من الثقة المعروف في زمانه المشهور بالصدق والأمانة عن ملكه حَتَّى تتناهى أخبارهم، ثُمّ يبحثون أشد البحث حَتّى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ، والأضبط فالأضبط والأطول مجالسةً لِمَنْ فوقه ممن كَانَ أقل مجلسةً. ثُمَّ يكتبون الْحَدِيْث من عشرين وجهًا وأكثر حَتَّى يهذبوه من الغلط والزلل ويضبطوا حروفه ويعدوه عدًا. فهذا من أعظم نعم الله تَعَالَى علَى هَذِهِ الأمة)).


(١) انظر: تيسير مصطلح الْحَدِيْث: ١٦.
(٢) شرف أصحاب الْحَدِيْث: ٤٠ (٧٦).