للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أما أئمة الحَدِيْث كيحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمان بن مهدي وعلي بن المديني وأحمد بن حَنْبَل، ويحيى بن معين، والبُخَارِيّ، والتِّرْمِذِي، والنَّسَائِيّ، وأبي حاتم، وأبي زرعة الرازيين، والدَّارقُطْنِيّ، وغيرهم كُلّ هَؤُلَاء يقْتَضِي تصرفهم من الزيادة قبولًا وردًا الترجيح بالنسبة إلى مَا يقوى عِنْدَ الواحد مِنْهُمْ في كُلّ حَدِيث، وَلَا يحكمون في المسألة بحكم كلي يعم جَمِيْع الأحاديث (١).

من هَذَا العرض يتبين أن كثيرًا من الفُقَهَاء و الأصوليين وفريقًا من المُحَدِّثِيْنَ قَدْ أطلقوا القَوْل بقبول زيادة الثِّقَة وجنحوا لِذلِكَ في كَثِيْر من الأحيان، والمرجوع إليه في مِثْل هذِهِ الأمور المُحَدِّثُوْنَ لا غيرهم، فَقَدْ كَانَ المُحَدثُوْنَ يحكمون علَى كُلّ رِوَايَة بما يناسبها، وهم المعوّل علَيْهِمْ في مَعْرِفَة أحكام زيادة الثِّقَة، فيجب الرجوع إليهم وحدهم لكونها من ضمن تخصصاتهم النقدية، وليست هِيَ من تخصصات غيرهم.

ونظر المُحَدِّثِيْنَ يخلف في الحكم علَى الأحاديث؛ إِذْ إن زيادة الثِّقَة عندهم مِنْهَا ما هُوَ مقبول، ومنها مَا هُوَ مردود تبعًا للقرائن المحيطة بِهَا، والقرائن هِيَ الَّتِى تجعل الحكم مخلفًا من حَدِيْث لآخر فمن القرائن مَا يدل علَى أن الزيادة تَكُون أحيانًا مدرجة في الحَدِيْث، أو أَنَّهَا من قَوْل أحد رُوَاة الإسناد أو من حَدِيث آخر، قَالَ الحَافِظ ابن حجر: "مَا تفرد بَعْض الرُّوَاة بزيادة فِيهِ دُوْنَ من هُوَ كثر عددًا أو اضبط مِمّنْ لَمْ يذكرها، فهذا يؤثر التعليل بِهِ، إِلَّا إن كَانَتْ الزيادة منافية بِحَيْثُ يتعذر الجمع. أما إن كَانَتِ الزيادة لا منافاة فِيْهَا بِحَيْثُ تَكُون كالحديث المستقل فَلَا، اللَّهُمَّ إِلَّا إن وضح بالدلائل القوية أن تِلْكَ


(١) نظم الفرائد: ٣٧٦ - ٣٧٧، والبحر المحيط ٤/ ٣٣٦.