للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الإسناد (١)، فدل علَى أن مرادهم زيادة الثِّقَة في مِثْل تِلْكَ المواضع الخاصة، وَهِيَ إذَا كَانَ الثِّقة مبرزًا في الحفظ" (٢) وهذا الكلام تحقيق جدٌ لصنيع جهابذة المُحَدِّثِيْنَ في الحكم علَى زيادة الثِّقَة؛ إِذْ أن الَّذِي ينظر في صنيع الأئمة السابقين والمختصين في هَذَا الشأن يراهم لا يقبلونها مطلقًا وَلَا يردونها مطلقًا، بَلْ مرجع ذَلِكَ عندهم إِلَى القرائن والترجيح: فتقبل تارة وترد أخرى، ويتوقف فِيْها أحيانًا؛ قَالَ الحافظ ابن حجر: "والمنقول عن أئمة الحَدِيْث المتقدمين - كعبد الرحمان بن مهدي، ويحيى القطان، وأحمد بن حَنْبَل، ويَحْيَى بن معين، وعَلِيّ بن المديني، والبُخَارِيّ، وأَبِي زرعة، وأَبِي حاتم، والنَّسَائِيّ، والدَّارقُطْنِيّ وغيرهم - اعتبار الترجيح فِيْمَا يتعلق بالزيادة وغيرها، وَلَا يعرف عن أحد مِنْهُمْ إطلاق قبول الزيادة" (٣).

وهذا هُوَ الصَّوَاب وَهُوَ الرأي المختار المتوسط الَّذِي هُوَ بَيْنَ القبول والرد، فيكون حكم الزيادة حسب القرائن المحيطة بِهَا حسب مَا يبدو للناقد العارف بعلل الحَدِيْث وأسانيده وأحوال الرواة بَعْدَ النظر في ذَلِكَ أما الجزم بوجه من الوجوه من غَيْر نظر إلى عمل النقاد فذلك فِيهِ مجازفة كبيرة، قَالَ الزيلعي: "من الناس من يقبل الزيادة مطلقًا، ومنهم من لا يقبلها، والصَّحِيح التفصيل، وَهُوَ أَنَّهَا تقبل في مَوْضِع دُوْنَ موضع، فتقبل إذَا كَانَ الرَّاوِي الَّذِي رواها ثِقَة حافظًا ثبتًا والّذِي لَمْ يذكرها مِثْلَهُ أو دونه في الثِّقَة، وتقبل في


(١) انظر علَى سبيل المثال: التاريخ الكبير للبخاري ٢/ ١٢٥، والعلل لابن أبي حاتم ٢/ ٣١٧ (٢٤٦٥)، وسنن الدَّارَقُطْنِيّ ١/ ١٥٢، والسنن الكبرى للبَيْهَقِيِّ ١/ ٥٢، والأحاديثه المختارة ٢/ ٨٦ (٤٦٣).
(٢) شرح علل التِّرْمِذِى ٢/ ٦٣٨.
(٣) نزهة النظر: ٩٦.