فعقر بأبي قتادة وقتله أبو قتادة، وتحول أبو قتادة على فرس الأخرم ثم إني خرجت أعدو في أثر القوم حتى ما أرى من غبار أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا ويعرضون إلى شعب فيه ماء يقال له ذو قرد، فأرادوا أن يشربوا منه فأبصروني أعدو ورائهم فعطفوا عنه وأسندوا في الثنية ثنية ذي بر، وغربت الشمس فألحق رجلا فأرميه فقلت: خذها!
وأنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرضع!
فقال: يا ثكل أمي! أأكوعي بكرة؟ قال: قلت: نعم يا عدو نفسه! فكان الذي رميته بكرة فأتبعته بسهم آخر، فعلق فيه سهمان ويخلفون فرسين فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو على الماء الذي حلأتهم عنه (ذو قرد)، فإذا نبي الله في خمس مئة، وإذا بلال قد نحر جزورا مما خلفت فهو يشوي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كبدها وسنامها، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله خلني فانتخب من أصحابك مئة فآخذ على الكفار بالعشوة فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته، قال: أكنت فاعلا ذلك يا سلمة؟ " قلت: نعم، والذي أكرمك! فضخك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى رأيت نواجذه في ضوء النار ثم قال: "إنهم الآن يفرون بأرض بني غطفان" فجاء رجل من غطفان فقال: مروا على فلان الغطفاني فنحر لهم جزورا، فلما أخذوا يكشطون جلدها رأوا غيره فتركوها وخرجوا هرابا، فلما أصبحنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا اليوم سلمة" فأعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سهم الراجل والفارس ثم أردفني وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة، فلما كان بيننا وبينها قريبا من ضحوة، وفي القوم رجل من الأنصار كان لا يسبق جعل ينادي: هل من مسابق؟ ألا رجل يسابق إلى المدينة؟ فأعاد ذلك مرارا وأنا وراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مردفي فقلت له: ما تكرم كريما ولا تهاب شريفا؟ قال: لا إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي خلني فالأشابق الرجل! فقال: "إن شئت"، فقلت: