ورغم تضافر الكتب الكثيرة والعديدة فِي مصطلح الحديث؛ بقي قصورٌ فِي الكتب المدونة فِي مصطلح الحديث؛ لأن التدوين بمصطلح الحديث جاء متأخرًا عَنْ تدوين الحديث النَبَوى الشريف؛ إذ انَّ تدوين الحديث ازدهر فِي القرن الثالث الهجري، أما مصطلح الحديث فقد بذرت بذرته الأولى بعد منتصف القرن الرابع الهجري ولما كَانَ علم المصطلح متأخرًا عَنْ التدوين فلا شك أنَّ تدوين المصطلح بني علَى استقراء كلام المتقدمين. وهذا الاستقراء بعضه تام وبعضه كَانَ غير ذَلِكَ مما أدى إِلَى قصورٍ ملحوظٍ فِي بعضِ قضايا المصطلح المهمة، مما يجعل الخبير الناقد حينما يوازن بين عمل المتقدمين وما هو مدون فِي كتب المصطلح يجد بونًا كبيرًا واختلافًا غير يسير عما هو مدون فِي كتب المصطلح، وبين ما هو حقيقة فِي نفس الأمر لدى أصحاب القرون الأولى أصحاب البصيرة الواسعة، الذين هم عمدة هذا الفن، وركنه الركين.
من هذا المنطلق ناقشت أهم المسائل الحديثية التي تتعلق بـ "مصطلح الحديث" التي كانت محط خلاف بين المتقدمين والمتأخرين وبينت ما خفي ببعض الأمثلة التوضيحية حتى تكتمل الفائدة ويعم النفع.