للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنَّ الله برحمتِه وحكمتِه أعمى بصائِرَهم وأبصارَهم عن رسول الله وصاحبِه، وجعل من الأسباب ما يصرف أنظارهم وعقولهم عنهما.

وقد أشار الله ﷿ إلى هذا النصر بقوله تعالى: ﴿إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيم (٤٠)[التوبة].

فأبو بكر أَسْعَدَ النبيَّ في هذا اليوم أَيَّمَا إسعادٍ، فقد أَسْعَدَهُ بصحبَتِهِ ومرافقَتِهِ وحمايتِهِ له، حتى إنَّه قد جاء في أخبار الهجرة أنَّ أبا بكر كان يمشي مع النبيِّ ، فتارةً يكون أمامه، وتارةً يكون خلفه، وتارةً عن يمينه، وتارةً عن يساره، فلما سأله النبيُّ عن سببِ ذلك، قال: إني أذكر العَدُوَّ من الرَّصَد (١) فأكونُ أمامَك، وأذكر العَدُوَّ من الطَّلَب فأكونُ خلفك، وأخشى أن تُؤتَى من يمينك أو من شمالك (٢)، فهو يدور على النبي من أجل حمايته.


(١) يقال: فُلانٌ يَخافُ رَصَداً من قُدَّامِهِ، وطَلَباً من وَرائِهِ، يعني: عَدُوّاً يَرْصُدُهُ ويَرْقُبُهُ. ينظر: «أساس البلاغة» للزمخشري (١/ ٢٣٣).
(٢) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (٣/ ٧) رقم (٤٢٦٨) - وعنه: البيهقي في «دلائل النبوة» (٢/ ٤٧٦) - من طريق السري بن يحيى عن محمد بن سيرين مرسلاً، قال الحاكم: (هذا حديثٌ صحيحُ الإسنادِ على شرطِ الشيخينِ لولا إرسال فيه، ولم يخرِّجَاه).
وأخرج نحوه الإمام أحمد في «فضائل الصحابة» رقم (٢٢) و (١٨٢)، والأزرقي في «أخبار مكة» (٢/ ٢٠٥)، وابن عساكر في «تاريخ مدينة دمشق» (٣٠/ ٨١) من مرسل ابن أبي مُلَيْكَة.

<<  <   >  >>