وهذه الثلاث هي بسائط هذا المستحيل، وهي ممكنة في نفسها، فما تصورنا ووقع في ذهننا إلا ممكن وكنا بسبب تصورها متصورين لهذا المستحيل من حيث الجملة؛ لأن التصور الإجمالي هو تصور الشيء من بعض وجوهه وبسائطه الشيء هي بعض وجوهه.
وكذلك إذا قلنا: شريك الباري تعالى محال، فإنا نتصور صانع العالم من حيث هو صانع العالم ونتصور مطلق الشريك من حيث هو هو، ونقول: حصول هذا مطلق الشريك لله تعالى محال، فقد تصورنا هذا المستحيل من حيث بسائطه وهي وجه فيه، فقد تصورناه من حيث الإجمال وصح الحكم عليه لذلك، وما تصورنا إلا ما هو موجود في الخارج لا مستحيل، فاجتمع القاعدتان ولم تبطل واحدة منهما، فما حكمنا إلا على ما تصورناه، ولم نتصور مستحيلا في الخارج بل ممكنا.
وأما العدم: فإنه لا بسائط له؛ لأنه لا تركيب فيه، بل تصوره يتصور مقابله وهو الوجود، فإذا قلنا: العدم نقيض الوجود، فإنا نتصور الوجود، ونقول: مقابل هذا الذي تصورناه نقيضه، وكذلك إذا قلنا: عدم العالم قديم، نتصور وجود العالم، ونقول: مقابله قديم، وكذلك بقية الأحكام