يصدق عليه أنه خطاب مشافهة ولا نداء فيه، وكذلك قوله تعالى:{كونوا قوامين بالقسط}، {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} ونحوه من ضمائر الواو، فهو كالكاف خطاب مشافهة أيضا، وعلى كل تقدير فلا يتناول ذلك إذا صدر من الخلق إلا الموجود القريب؛ لأن المنادى من الخلق متميز بجهة، وصوته إنما يبرز من جهته ويسمعه من قرب منها دون من بعد، فصارت الجهات القريبة منه والموجود فيها أولى من غيره، لهذا المرجح، ولم يتناول الخطاب منه البعيد جدا، لعدم السماع، وعدم/ الفائدة، هذا في حق الخلق، أما في حق الله تعالى فلا، بسبب أن الله تعالى ليس في جهة ولا يحز، فنسبة جميع الجهات والأحياز إليه نسبة واحدة، فلو خصصنا بعض الجهات أو بعض الأقطار بخطابه تعالى، لزم الترجيح من غير مرجح، فما لأجله ثبت التخصيص في حق الخلق منتف في حق الله تعالى، فتعين التعميم، فلا يقال: الجهة الفلانية أقرب إليه من غيرها، فكذلك خطابه تعالى يعم أهل السماوات والأرض ممن يصلح له ذلك الحكم المذكور في الخطاب كقوله تعالى:{يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان} وكقوله تعالى: {يا عبادي الذين آمنوا}، إلى غير ذلك من صيغ