تقدم من سنة، فهذا باطل عند أكثر الناس، كقول القائل لوكيله: بع داري ممن رأيت، ثم يقول بعد سنة: إلا من زيد، وحمل كلام الله تعالى على الجادة أولى من حمله على الشاذة.
وهذا هو الجواب عن قول من يقول: الأصل عدم التكرار، فنقول له: التكرار متفق عليه، والنطق/ بكلام غير مفيد في نفسه من غير إضمار معه، لا يجوز إلا على الشذوذ، ومخالفة الأصل بما هو متفق عليه أولى من مخالفته بما هو كالمتفق على بطلانه، والحاصل أن مخالفة الأصول لابد منها، والمخالفة بما ذكرناه أولى. (١٤٨/ ب)
احتج المانعون من ذلك: بأنه لا يجوز تأخير الشرط، ولا خبر المبتدأ، فكذلك الاستثناء، بجامع أن الجميع لا يستقل بإفادة؛ ولأن اللغة إنما وضعت للإفادة، والنطق بالاستثناء بعد سنة لا يفيد ألبتة، ويعد في العادة ملغزا ومتكلما بالهذر من الكلام.
وأجاب المجيزون عن الأول: بأن الشرط تعليق، والتعاليق اللغوية كلها أسباب؛ لأنها يلزم من وجودها الوجود، ومن عدمها العدم، وهذا هو حد السبب، بخلاف الشروط العقلية كالحياة مع العلم، والشرعية كالطهارة مع الصلاة، والعادية كالسلم مع صعود السطح، فإنها يلزم من عدمها عدم المشروط، ولا يلزم من وجودها وجوده ولا عدمه، وهذا ضابط الشرط وحده.