الكلي في هذا الخبر يقتضي العموم؛ لأنه نكرة في سياق النفي، فإذا قال- بعد ذلك-: ما رأيت أحدًا نبيًا، خرج من العموم من ليس بنبي، ولا يحصل الأول في هذا المقيد البتة، بل بعضه، وهو الأنبياء عليهم السلام. فقد تنافر اللفظان، وتنافى الدليلان، وتعذر الجمع بينهما البتة، وحصل التخصيص دون التقييد، فلا سبيل إلى الجمع البتة.
وكذلك خبر النفي إذا كان مخبره كلية، نحو: ما رأيت الرجال، فالمفعول هنا كلية وصيغة عموم، فإذا قال- بعد ذلك-: ما رأيت رجالا صالحين، خرج من هذا المقيد من ليس برجل صالح، وهو مندرج في الأول، فقد تنافر اللفظان في الإطلاق والتقييد، وتعذر الجمع بينهما، لحصول التخصيص دون التقييد.
وكذلك إذا كان متعلق خبر النفي كلا، نحو: ما رأيت عشرة، فإن هذا اللفظ المطلق اقتضى العموم أيضًا، فإن قولنا:(عشرة)، نكرة في سياق النفي فتعم- كما تقدم- فإذا قال- بعد ذلك-: ما رأيت عشرة صالحين، كان هذا المقيد متناولا لبعض ما تناوله المطلق، وهو الرجال الصالحون دون الصالحين، فلم يمكن الجمع بين مدلول المطلق ومدلول المقيد البتة، بل تنافر اللفظان، وحصل التخصيص دون التقييد.
وتقريب هذا المرام أن نقول: أقسام الصيغ الدالة في الرتبة الأولى أربعة: (أمر، نهي، وخبر ثبوت، وخبر نفي)، وكل واحد من هذه الأربعة إما أن