أن وصف التأكيد أن لا يكون منشئا، بل مقررا، لما تقدم، ومقويا له فقط، فإن قولك: ما رأيت القوم، يقتضي عموم النفي في كل فرد من أفراد القوم، وأن الصيغة والحكم للعموم إن جعلنا النفي لا يعم فيه لتقدمه عليه، يقتضي أنه أبطل حكم العموم، وصير الكلية جزئية، والعام مخصوصا، وحقيقة العموم مجازا في الخصوص كلحوق الصفة بالعموم.
وهذا عكس التأكيد؛ لأنه إبطال وتنافر، فلا يكون تأكيدا (والمقدر أنه تأكيد)، وإعرابه كذلك عند النحاة، هذا خلف، وإن لم نسو بين الصورتين وقلنا بنفي العموم على عمومه، فقد نقضنا قاعدة (كل)، وأنها موضوعة للكلية مع تقدم النفي، والكل مع تأخره (والعموم مع تأخره)، والخصوص مع تقدمه، وكلاهما محظور، فأي المحظورين نلتزم؟ ! والظاهر عندي التزام قاعدة كل، والتزام قاعدة التأكيد، وأن اختلاف النفي في التقدم والتأخر إنما هو في كل فرد، إذا كان مستقلا، لا تبعا وتأكيدا.
/تنبيه: لفظ: (كل) للعموم سواء (وقع) للتأسيس أو للتأكيد،