تقدم التنبيه على هذه المسألة, لكن إعادتها هاهنا, لبيان تتمات حسنة.
منها: أن العادة قد تكون عادة الناس, وقد تكون عادة صاحب الشرع.
فإن كانت عادة الناس, خصصت العمومات التي ينطق بها الناس في وصاياهم وأيمانهم ونذورهم وطلاقهم, وغير ذلك من تصرفاتهم, فكل من له عادة في لفظه (حمل لفظه) على عرفه الذي تقدم نطقه, (أما المتأخر عن نطقه) , فلا يخصص لفظه, كانت العادة خاصة به أو عامة في بلده, كالنقود في الأثمان, وتعيين المنافع في الأعيان, أو في جميع الأقاليم, ولا يحمل كلام متكلم على عادة غيره ولا يخصص به, ولا يخصص عموم أهل بلدة بعادة بلد آخر.
وكذلك يمتنع التقييد- كما يمتنع التخصيص- بالعوائد المتأخرة مطلقًا, لا تخصيص ولا تقييد, وما علمت في ذلك خلافًا.
وأما عرف الشرع وعادته فيحمل لفظه عليها, كما تقول: للشرع عادة في الإيمان- وهو الحلف بالله تعالى- فيحمل عليها قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من حلف واستثنى عاد كمن لم يحلف).