للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستثناء من الإثبات نفي، والمتقدم قبل الإثبات وهو قوله عليه الصلاة والسلام: (عصموا مني دماءهم وأموالهم)، فقوله بعد ذلك: (إلا بحقها) يقتضي نفي العصمة، وكيف يفهم أن العصمة في الدماء والأموال تنفي الحق، وإنما يناسب انتفاء العصمة ارتكاب الباطل إلا الحق.

وتحرير الجواب أن ها هنا/ (مضافا) محذوفا، وهو يتصور أن يكون مقدرا قبل لفظ الحق وبعده، وتختلف صفة التقدير، فإن قدرناه قبل الحق، يكون التقدير، إلا بتضييع حقها، وتضييع حق الشهادة يناسب نفي العصمة، وإن قدرناه بعد الحق يكون التقدير: إلا بحق إراقتها، وحق إراقتها هو السبب المبيح لها، وعلى هذا يكون الضمير عائدا على الأموال والدماء، فإنها هي التي تراق، وأحسن من ذلك أن نقدر: إلا بحق إباحتها، حتى يتناول الدماء والأموال، فإن الإراقة لا تناسب الأموال، والأحسن أن يكون التقدير يناسبهما.

وعلى التقدير الأول وهو تقدير المضاف قبل (الحق) يكون الضمير عائدا إلى الكلمة التي هي الشهادة؛ لأنها صاحبة الحقوق التي يترتب عليها الحقوق، فقد ينوع التقدير بنوع ما يعود الضمير عليه، وعلى كل تقدير يصير المعنى مفهوما، فتأمل ذلك فهو حسن في علم النحو وتصحيح الكلام.

ثم نرجع إلى الاستدلال فنقول: إن هذا الجمع يؤكد بما يقتضي

<<  <  ج: ص:  >  >>