[الفصل الثاني في الفرق بين التخصيص والنسخ والاستثناء]
أما النسخ: فالفرق بينه وبين التخصيص من وجوه:
الأول: أن التخصيص لا يصح إلا فيما يتناوله اللفظ، والنسخ يصح فيما علم بالدليل من الأفعال أو التقرير، أو قرائن الأحوال، أو الدليل العقلي أنه مراد، وإن لم يتناوله اللفظ.
وثانيها: أنه يصح نسخ شريعة بشريعة، كما نسخت الشريعة المحمدية تحريم السبت والشحوم وغير ذلك، ولا يصح تخصيص شريعة بشريعة/ لأن عادة الله تعالى جارية بألا ينزل على أمة إلا ما يتعلق بها، أما أنه ينزل على بني إسرائيل في التوراة ما يتعلق ببيان القرآن وغيره- بخلاف عادة الله تعالى- فلا ينزل على الأمة المتقدمة ما يتعلق بالأمة المتأخرة، وكذلك لا ينزل على المتأخرة ما يتعلق بتخصيص نص عند المتقدمة، فلا ينزل الله تعالى في القرآن ما يتعلق ببيان التوراة؛ بسبب أن فيه تأخير البيان عن وقت الحاجة، ونحن وإن جوزناه بناء على جواز تكليف ما لا يطاق، غير أنه لم يقع في عادة الله تعالى، عملًا بالاستقراء، فلذلك لا تخصص شريعة بشريعة، وإن جاء نسخها به.
وثالثها: أن النسخ رفع للحكم من محل كان ثابتًا فيه، والتخصيص