ظهر أن الخاص المتقدم أعم في الأزمان، وأخص في الأعيان، والعام المتأخر بالعكس، فكل واحد أعم من الآخر من وجه، وأخص من وجه، وإذا ثبت ذلك: وجب الوقف والرجوع إلى الترجيح، كما في كل خطابين هذا شأنهما.
والجواب عن الأول: ما تقدم من حمله على الأحكام، أو نقول: هو قول صحابي، وفي كونه حجة خلاف، أو نقول: يحمل كلامه على ما إذا كان المتأخر هو الخاص.
وعن الثاني: أن الفرق فيما ذكروه: أن الخاص أقوى من العام، فوجب تقديمه عليه؛ ولأنا لو لم نسلط الخاص المتأخر على العام المتقدم لزم إلغاء الخاص، أما لو تسلط العام المتأخر على الخاص المتقدم، لا يلزم ذلك، فظهر الفرق.
وعن الثالث: بالفرق بين صيغة العموم والتنصيص على الأفراد على سبيل الخصوص: أن صيغة العموم حقيقة في العموم، وهي تدل على نوع تضمنًا، وفي التنصيص على الأنواع تدل مطابقة، لفظ التنصيص على الأفراد لا يقبل الاستثناء في كل فرد نص عليه، وفي العموم تقبله؛ ولأن اللفظ إذا كان عامًا، احتمل التنصيص، وليس كذلك إذا كان خاصًا، ولهذا لو كان قوله:(لا تقتلوا اليهود) مقارنًا لقوله: (اقتلوا المشركين) لخصه، ولو قارن المنفصل لناقضه ولم يخصه؛ لأن الخاص لا يحتمل التخصيص.