للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الخلاف واقع في أقل الجمع، هل هو اثنان أو ثلاثة؟ ومرادهم بذلك أن مفهوم الجمع له رتب أقلها اثنان، وفوقها الثلاثة والعشرة والمائة والألف والآلاف، وما لا يتناهى، كلها رتب الجمع، فلا خلاف أن أكثر الجمع غير محصور، إنما الخلاف في أقله، هل هو اثنان، أو ثلاثة؟ .

فأقول: إن الخلاف في هذه المسألة غير منضبط، ولا متصور؛ بسبب أن قولهم: أقل الجمع اثنان أو ثلاثة، إن فرض في صيغة الجمع التي هي: "جيم، ميم، عين"، امتنع إتيانها في غيرها من الصيغ، لأنه لا يلزم من ثبوت الحكم لصيغة ثبوته لغيرها من الأوضاع اللغوية، وإن كان الخلاف في غيرها الذي هو مدلول هذه الصيغة (والجموع) ومدلولها كلها يسمى جمعًا، نحو: رجال، (وحد لهم) وغير ذلك من صيغ العموم.

فنقول: صيغ الجموع قسمان: جمع كثرة، وجمع قلة، كما تقدم بيانه وتحريره، ونصوص العلماء فيه، فإن كان مواطن الخلاف/ في جموع الكثرة، فلا يستقيم؛ لأن أقل مراتب جموع الكثرة أحد عشر؛ لأنها موضوعة لما فوق الشعرة، فأقلها أحد عشر، والاثنان والثلاثة إنما يكون اللفظ فيهما مجازًا، والبحث في هذه المسألة ليس هو في المجاز، فإن إطلاق لفظ الجمع مجازًا على الاثنين لا خلاف فيه، إنما الخلاف في كونه حقيقة، بل لا خلاف أن لفظ الجمع يجوز إطلاقه وإرادة الواحد به مجازًا، فكيف الاثنان؟ وقد قيل في قوله تعالى: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم} ..

<<  <  ج: ص:  >  >>