في الكتاب والسنة اتفق الناس على أنه (عائد) على الجملة الأولى, وليس ذلك خلاف الإجماع في هذه المسألة, إنما هو في اللفظ اللغوي من حيث الوضع, ماذا يقتضي لغة؟ - ما لم يعرض له معارض يعارضه- هل يعود على جميع الجمل, أو يختص بالجملة الأخيرة؟ , ولم يقل أحد بالأولى, أما إذا كان المعارض, فذلك من غير صورة النزاع, فلا يرد عليها, كما في قوله تعالى:{إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم} , فهذا يتعين عوده على الجملة الأولى فإن الاستثناء إنما يكون مما نهي عنه وهو الشرب, ولا ينتظم الاستثناء مع قوله تعالى:{ومن لم يطعمه فإنه مني} , فهذه المناسبة هي الموجبة لتعيين الاستثناء للجملة الأولى.
ونظير ذلك أيضًا, الأمر للوجوب, وقد ورد بخمسة عشر محملا, ولم لم يقل أكثر بأكثرها, بل ذلك لعارض خارج عن موجب الأمر لغة اقتضى التجوز لتلك المحامل من التكوين والسخرية, وغير ذلك من تلك المحامل المذكورة في بعضها.